تصوير رغدة بسيوني
تبدو الظواهر الطبيعية أجمل عندما لا نعرف تفاصيلها وكيفية حدوثها، كالحب تماماً تلك الظاهرة الطبيعية التي تحدث يومياً لشخص ما على هذا الكوكب.
وقفت أتأمل ظهور قوس قزح من نافذة غرفتي الخشبية القديمة لكن شعرت بفقداني لتلك اللهفة التي كانت ترتسم على وجهي عندما أقف منتظرة ظهوره بعد المطر.
للمطر رائحة مميزة لم تفقد رونقها، ففي كل عام استنشق الرائحة كما أول مرة، أتلذذ بها تعانق رئتي، رائحة المطر إحدى الروائح القليلة التي تنعش جهازي التنفسي الذي يعاني من الحساسية المفرطة والإرهاق في مواسم الشتاء وتفتح الأزهار وتساقط أوراق الخريف وغيرها، فهو مثلي يتعب من التغيير ويطوق لموسم طويل الأمد يريحه.
كل هذه الروائح والحساسية تجعلني شديدة التأفف طوال الوقت، لكن ليست رائحة المطر التي تشبه ذلك العالم الذي لم تعرفه بعد والعمر الذي لم تحياه والفرح الذي لم يطرق بابك.
فله رائحة ياسمينية البياض، جورية الإغواء.
لطالما تملكتني فوبيا العطور، فتراني أخشى أن تمتلئ ذاكرة العطور في داخلي ولا استطيع استنشاق عطر جديد، اعتدت على إغلاق أنفي دوماً في الأماكن التي أتوقع أنها تعبق بالروائح لأفسح المجال لرائحة جديدة تعلق بذاكرتي العطرية وتنعشها وللمطر الأول الحصة الأكبر، فهو مثل البدايات جميعها تمتلك الحصة الأكبر في الذاكرة
كبداية المطر واللقاءات الأولى ودروب نمشيها لأول مرة، فبلاتنا البدائية وموسيقى نسمعها وتطربنا، كلها بدايات تبقى في ذاكرتك دون أن تستشيرك أو تطلب الإذن لتتربع هناك في صميم ذاكرتك.