حافي القدمين يمشي على الأرض الترابية، صورة ليست من احد تمارين التوحد مع الطبيعة ولا إحدى وصفات دروس التأمل، هي صورة تراها إذا قررت أن تتوقف للحظة في طريقك إلى القدس، ترجل من السيارة والتفت نحو اليمين أو اليسار نحو التجمعات السكنية الصغيرة، فستجد حتماً طفلاً في الثانية من العمر ينظر إليك مدهوشاً قلقاً من هذا الغريب.
كل شيء هنا يحتاج الانتظار، انتظار وصول الطلاب للصف الاول إعدادي حيث تنتهي أحلامهم هناك، فالمدرسة في الخان الأحمر تنتهي حدودها مع هذه المرحلة، وإذا رغب أحد الطلاب بإكمال دراسته فعليه أن يقطع مئات الأميال ليصل إلى إحدى مدارس مدينة أريحا، فهي المنفذ الوحيد لأحلامهم الصغيرة.
فتقف حدود مخيلتك عن تصور مشهد هؤلاء الطلاب في مدرسة بمدينة أريحا، بعد أن تجيبنا نوال الساكنة في القرية أن معظم الطلاب لا يكملون تعليمهم وخاصة الفتيات اللواتي لا يستطعن الوصول إلى أريحا بدون مرافقة أحد رجال العائلة !! فيستمر إنتظارهن لينتهي ببيت الزوجية ويستمر الانتظار محلقاً فوق القرية فمتى سيعرف الجيش الاسرائيلي بأمر الغرفة التي بنيت من الطين وعجلات المركبات ليأتي لهدمها؟؟ متى ستكون زيارة الجنود التالية إلى المدرسة، فنظرات الترقب بعيون الأطفال تطل مترقبة نحو مدخل القرية متى سيعودون؟؟
* قرية العجال في منطقة الخان الأحمر موجودة ضمن المنطقة C الواقعة تحت السيطرة الاسرائيلية، التي لا تعترف بحق السكان في تلك التجمعات بالتواجد على أراضيهم لذلك فهم محرومون حتى من ابسط الخدمات المعيشية.
كل شيء هناك يبكيك سوى ابتسامة ماريا تلك الطفلة الصغيرة التي فرحت لحصولها على الحلوى، تشاكسك عيناها العسليتين وتفرح لفرحها، تحاول اللعب معها فتركض بعيداً عنك لتجاريها بالركض فتخشى على قدميها العاريتين وتخفف من حدة اللعبة من الجري إلى الكلام.
تودع تلك القرية وأنت تفكر اذا ما كنت ستلتقي بهؤلاء الأطفال مرة آخرى، يلوحون لك من بعيد فترتسم ابتسامتك متمنياً أن تكون قد وفقت لإسعادهم حتى لساعات قصيرة، لكنهم يحققون لك تلك الأمنية فتتلاشى ابتسامتك أمام فرحهم الكبير ... وتغادر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق