أذكر أول سنة لعدي (شقيق الاصغر) في المدرسة، لشدة تعلقه بامي وقلقه بأن تذهب إلى أي مكان مغافلة إياه وهو في المدرسة، كان يتحجج لها بانه مريض، ما زالت تلك الذكرى تجد طريقها إلى ضحكات الجميع على حيله الطفولية التي كان يتبعها لكي لا يذهب الى المدرسة في الصباح ... لكن ماذا لو عاد عدي يوماً ولم يجد المنزل مكانه؟
ماذا لو عاد يومها ووجد والدتي تنتظره باكية؟ ليرى المنزل الذي كان يحلم طيلة ساعات الدراسة بوجبة لذيذة بأحد أركانه؟
ماذا لو بحث طويلاً ولم يجد تلك القطة التي كبرت في منزلنا على قيد الحياة تحت أنقاض المنزل؟
لا أدري لماذا راودتني هذه الأفكار؟ ولماذا تلك الذكرى بالتحديد؟ لكن صرخات ذلك الطفل الذي صورته عدسات الكاميرات وهو يصرخ غاضباً بعد عودته من المدرسة ليجد قوات الاحتلال الاسرائيلي تهدم منزل العائلة في بيت حنينا، صوروا تلك الصرخات ... أبكتنا ... غضبنا سألنا عن أسمه فلم يعرف أحد الجواب .. فذلك الطفل (لم تهمنا التفاصيل، فاسمه وسنه لا مكان لهما وسط صدى صرخاته).
كيف قضى ليلته الأولى في العراء؟ هل سيذهب غداً إلى المدرسة؟ هل قام بتنفيذ المهام المنزلية التي فرضها المعلمون عليه اليوم؟ عن ماذا تحدث هو وشقيقته التي تلقت الصدمة ذاتها؟ كيف سيرسم منزل العائلة اذا طلب منه الاستاذ ذلك في المدرسة يوماً ما؟؟
كل ذلك لا يهم فصدى صرخاته ما زالت تدوي ... هذا ليس حلماً ولا قصة قصيرة خيالية ... هذا ليس تصوراً مستقبلياً بل هو واقع يخشى كل طفل فلسطيني أن يعيشه يوماً كما عايشه طفل بيت حنينا اليوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق